وتدور هذه الكواكب حول نجم ضعيف، ويُعتَقد أن حرارة سطحها تقع في المنطقة المعتدلة، فلا هي شديدة الحرارة ولا شديدة البرودة، ما يسمح بوجود الماء في حالته السائلة، ويزيد من ملاءمتها لوجود حياة على سطحها.
علماء فلك بلجيكيون استطاعوا وفقا لصحيفة االغارديان اكتشاف هذه الكواكب التي تقترب من كوكب الأرض حجماً باستخدام التليسكوب الصغير عابر الكواكب والكويكبات (ترابيست) في مرصد لاسيلا بصحراء أتاكاما في تشيلي. إذ ظهرت هذه الكواكب خلال العتمة الدورية التي حدثت أثناء مرورها أمام نجمها الأم، وهو عبارة عن نجم قزم شديد البرودة يقع على بعد 40 مليون سنة ضوئية فقط.
وعُرف هذا النجم في البداية باسم 2MASS J23062928-0502285، قبل أن يُعرف باسم Trappist-1، ولا يزيد حجمه على كوكب المشترى بكثير، وتساوي أشعته جزءاً صغيراً من أشعة الشمس. كما أنه باهت جداً في السماء بحيث لا يمكن للعين المجردة أن تراه، ولا حتى باستخدام أحد تلسكوبات الهواة الكبيرة.
وكشفت الملاحظات عبر تليسكوب ترابيست في الفترة من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، بالإضافة إلى قياسات المتابعة باستخدام أدوات أكبر حجماً، عن وجود 3 كواكب صغيرة تدور حول النجم، على بعد 1% و1.5% وحوالي 3% من المسافة التي تبعدها الأرض عن الشمس. حيث يبلغ طول العام في الكوكب الداخلي يوماً ونصف اليوم من أيام الأرض، بينما يساوي العام على الكوكب الثاني 2.4 يوم أرضياً، أما مدار الكوكب الثالث فليس واضحاً بالضبط، لكن التقارير التي أوردتها مجلة "نيتشر" تشير إلى أن عام الكوكب الثالث يساوي ما بين 4.5 إلى 73 يوماً أرضياً.
كما أضاف مايكل جيلون، قائد هذا البحث بجامعة لييغ: "تتشابه درجات حرارة هذه الكواكب مع كوكب الأرض بسبب خفوت نجمها. وربما تحتوي أسطحها على مياه سائلة، فعلى الأرض تعتمد الحياة بشكل أساسي على الماء. نحن لا نعلم بعد، لكن ربما توجد حياة هناك".
ويُعتقد أن هذه الكواكب مقيدة مَديّاً إلى نجمها، ما يعني أن نصف الكوكب في نهار دائم، بينما النصف الآخر في ظلام دائم، وإن احتوت هذه الكواكب على غلاف جوي فسيتمكن الهواء من مساواة الحرارة في نصفي الكوكب. وتبلغ الحرارة في أشد المواقع سخونة 100 درجة مئوية على الكوكب الداخلي، و70 على الكوكب الثاني، و30 درجة مئوية على الكوكب الخارجي.
كما أضاف جيلون: "هذه هي أولى الكواكب المعتدلة التي يتم اكتشافها خارج المجموعة الشمسية، في حجم يقترب من حجم الأرض، كما أنها الأولى التي يمكننا دراستها بالتفصيل. ما يجعلها أهدافاً واعدة بالنسبة لنا"، وعلى الرغم من عدم معرفة مما تتكون هذه الكواكب بعد، إلا أن أحجامها تشير إلى كونها صلبة، واستطرد قائلاً: "قد تكون هذه الكواكب غنية بالحديد مثل المريخ، أو مكونة من صخور السيليكات، أو كواكب جليدية مثل أقمار المشتري".
وبالفعل رُسمت الخطط لدراسة هذه الكواكب بالتفصيل. إذ يأمل علماء الفلك معرفة إن كان لهذه العوالم أغلفة جوية خاصة بها باستخدام تليسكوب هابل. لكنهم قد يحتاجون للمزيد من الآلات المستقبلية لمعرفة المزيد عن هذه الكواكب. إن كان لهذه الكواكب أغلفة جوية، فيمكن لتحليل المكونات الجزيئية للماء وثاني أكسيد الكربون والأوزون أن يكشف عن وجود حياة.
قد يمكن لعلماء الفلك إجراء هذه القياسات باستخدام أحد مرصدين مرتقبين: التليسكوب الأوروبي شديد الضخامة الذي يجري إنشاؤه في صحراء أتاكاما، وتليسكوب جيمس ويب الفضائي وهو مرصد ناسا الجديد بالأشعة تحت الحمراء، والذي من المقرر إطلاقه في عام 2018. فبمجرد بداية تشغيل هذه المراصد، يمكن لعلماء الفلك البدء في البحث عن النشاط البيولوجي على كواكب أخرى. "ستكون هذه خطوة عملاقة في مسيرة البحث عن حياة في الكون"، كما قال جوليان دي ويت أحد المشاركين في هذه الدراسة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق