السبت، 6 أبريل 2013

قصة خلق الكون الجزء 3

وفي اليوم التالي وبعد أن انتهت الأسرة من واجباتها اليومية قالت هند:
هند: أمي الحبيبة أكملي لنا القصة الجميلة.

سألت الأم أولادها قائلةً:
الأم: هل عرفتم أولاً جواب السؤال الذي سألته لكم بالأمس؟
فاطمة: أمي الحبيبة لكي نجيب على هذا نحتاج لوقت طويل حتى نتم ختم القرآن مع الانتباه.

الأم: صدقتِ يا فاطمة ولكن أَسْرِعن.

عائشة: أمي أقترح عليك أن تكملي القصة لنا فنحن نريد التعلم وإن شاء الله سنسرع في الإجابة عليك.

الأم: حسناً يا بُنيّاتي؛ على أي شيء وقفنا أمس؟
خديجة: وقفنا يا أمي على: أن الأرض تتكلم وتخاف وتبكي وتسبح، وأن الأرض والسماء قالت لله عندما خيرها ﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾، وأن الأرض ستتحدث يوم القيامة بما أحدث الناس على ظهرها من خير وشر.

الأم: أحسنت يا خديجة وبارك الله فيك.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق عليها الجبال فألقاها عليها فاستقرت" رواه أحمد.

إبراهيم: أمي وما معنى تميد؟
الأم: دائما تستعجل يا إبراهيم فأنا لم أكمل كلامي ولكن أحسنت لأنك منتبه وتسأل عما أشكلَ عليك.

أما معنى تميد فسأذكر لكم الآيات وأنتم ستعرفون معناها بإذن الله، قال تعالى: ﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 15]، وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 31].  وقال تعالى: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ [لقمان: 10].

فاطمة: أمي الحبيبة أنا فهمت أن الأرض عندما خلقها الله كانت تتحرك، فثبتها الله بالجبال الرواسي الشامخات.

الأم: أحسنت يا فاطمة، فهذا يدل على ثبات الأرض وأن الجبال خلقها الله لكي تثبتها حتى نستطيع العيش والاستقرار عليها، وإلا لما طابَ عيش ولا استقر عليها حياة.

عائشة: أميوهل الجبال الكثيرة التي نراها خلقت لتثبيت الأرض فقط؟
الأم: نعم يا عائشة خلقت لتثبيت الأرض وهذا شيء عظيم، ولكن للجبال منافع أخرى، من يستخرج من الآيات السابقة منافع أخرى للجبال؟

خديجة: أمي فجاجا سبلا أي جعل الله فيها طرقا للسير فيها، فقد حفظتها في معاني الكلمات.

الأم: أحسنت يا خديجة وبارك الله فيك.

عائشة:وأنا حفظت في سورة النحل ومن الجبال أكنانا وعرفت في معاني الكلمات أن أكنانا معناها: الحافظ من المطر والريح.

الأم: أحسنت يا عائشة وبارك الله فيك.

رقية: أمي وكيف تكون الجبال أكنة وحافظة لنا من المطر والريح؟
الأم: يا رقية في الجبال كهوف ومغارات إذا دخلها الإنسان كانت له كالبيت.

فاطمة: أمي جعلها الله أيضا علامات يهتدي بها الناس في طريقهم فقال في سورة النحل ﴿ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلامَاتٍ... ﴾ [النحل: 15-16].

وأيضا هي تخشع لله، وتسبح بحمده، وتسجد له وتتشقق وتهبط من خشية الله، وهي أيضا تخاف من الله، وقد عرفت هذا من سورة البقرة فقد قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 74] وقال في الحشر: ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21].

الأم: أحسنت يا فاطمة وبارك الله فيك، وجعلك الله دائما متدبرة لكلامه سبحانه وتعالى. وأيضا قال ابن كثير في الآية الأولى التي ذكرتيها: "أي جعل فيها أنهارا تجري من مكان على مكان رزقا للعباد".

ومن بديع صنع الله في الجبال أن جعلها على ألوان مختلفة متنوعة، قال تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ [فاطر: 27].

رقية أريدك أن تلخصي لنا منافع الجبال.
رقية: أمي لقد عرفت منافع الجبال وحفظتها:
1- ثباتا للأرض حتى لا تتحرك وتميد.

2- طرقا وسبلا يسير الناس عليها.

3- جعل الله فيها الكهوف والمغارات حتى تكون لنا أكنانا.

4- جعل فيها أنهارا تجري من مكان على مكان رزقا للعباد.

5- جعلها الله علامات يهتدي بها الناس في طريقهم.

6- وهي تخشع لله، وتسبح بحمده، وتسجد له وتتشقق وتهبط من خشية الله، وهي أيضا تخاف من الله وأيضا تعبد الله.

الأم: أحسنت يا رقية وبارك الله فيك.

هند: أمي ما معنى: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ: 20]؟

إبراهيم: وما معنى: ﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴾[القارعة: 5]؟

رقية: وما معنى: ﴿ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴾[المعارج: 9-8] ؟

الأم: يا أبنائي هذا كله يكون يوم القيامة فكل شيء سيتغير فقد قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾ [طه: 107-105] وقال: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 47].

﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ * وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 87-88].

﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا ﴾[الواقعة: 4-6].

﴿ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾[الحاقة: 14-15].

﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا ﴾ [المزمل: 14].

سألخص لكم معنى هذه الآيات حتى تفهموا ماذا سيحدث للجبال يوم القيامة

ذكر الله في هذه الآيات أنها:
1- ستنسف نسفا أي: يفتتها كالرمل السائل ثم يطيرها كالريح.

2- تسير وتكون سربا: أي تزال عن أماكنها ومن أصولها، وتكون كالسراب، أي لا شيء.

3- تبس بساً أي: فتتت فتاً.

4- تكون كالعهن المنفوش أي: قد صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق.

فالجبال يوم القيامة ستفنى، كما أخبرنا تعالى.

خديجة: سبحان الله ما أعظم خلق الله، وما أعظم قدرة الله.

الأم: هيا يا أحبائي للنوم حتى نستيقظ للصلاة الفجر ولا نتأخر بارك الله فيكم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق