الأربعاء، 10 أبريل 2013

الإنسان والفضاء


منذ الخليقة والإنسان يتجه بنظره إلى علياء السماوات محاولا سبر أغوارها. لكن وسائله لم تكن تؤهله لنيل مبتغاه. بيد أن ذلك لم يمنعه من استخدام ما أوتي من عقل وهبه الله له لتحقيق تلك الأمنية. ففي البدء كان الإنسان البدائي يعتقد أن الأرض هي محور الكون، وأن كل الأجرام تدور حولها. وكان يحسب أن النجوم عبارة عن حزام ضيق لا يبعد أكثر من بضعة كيلومترات عنا وهو كالسقف الذي يحيط بالأرض، ولا يتعدى عددها لا يتعدى 2000 نجم(أنظر إعجاز القرآن في العلوم الجغرافية للدكتور محمد مختار عرفات،2007: ص48).

وبعد أمد بعيد، توصل إلى أن تلك الأرض لم تكن سوى جرم يدور حول الشمس، أسوة بعدة كواكب أخرى تدور حول تلك الشمس أسماها المنظومة أو المجموعة الشمسية. وسرعان ما توصل إلى أن هذه المنظومة هي ليست إلا واحدة من بين مجاميع شمسية لا عد لها تتألف كل واحدة منها من مجموعة من الكواكب تدور حول نواة لها هي شمسها التي تزودها بالطاقة، تماما كما تزود شمسنا كواكب مجموعتنا الشمسية بالطاقة. فالفرق بين الشمس والكوكب هو أن الشمس(وتسمى نجما أيضا) هي مصدر الطاقة، بينما الكوكب هو الجرم الذي يستفيد من تلك الطاقة ولا ينتجها.

وسرعان ما توصل العلماء بفضل ما توفر لهم من وسائل أعانهم على ابتكارها عصر العلم والابتكارات في العصور المتأخرة إلى أن هذه المنظومات الشمسية تنتظم ضمن مجموعة هائلة من النجوم والكواكب والأجرام أسموها المجرة. وأسموا مجرتنا-أي المجرة التي تنتمي إليها مجموعتنا الشمسية-مجرة درب التبانة أو الطريق اللبنية the Milky Way Galaxy ، وذلك لأن منظرها من الأرض يبدو وكأنه ما يتساقط خلف حامل التبن من تبن وهو ينقله من مكان إلى آخر، أو ما ينسكب من لبن خلف حامله. وتوصل العلماء إلى أن مجرتنا تحوي آلاف الملايين من النجوم وتوابعها. ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل وجد العلماء أن في الكون بمائة مليار مجرة، منها الكبيرة ومنها الصغيرة ومنها المتوسطة مثل مجرتنا. فعدد النجوم في مجرتنا يبلغ نحوا من 100000(مائة ألف مليون) نجما!!!!(أنظر مع الله في السماء للدكتور أحمد زكي،1984: صفحة214).

وكان لابد من وسيلة لقياس مثل هذه السعة، إذ لم تعد الوسائل التقليدية في القياس من قبيل الأشبار والأذرع والكيلومترات والأميال تفي بالغرض. فلجأ العلماء إلى ما يسمى بسرعة الضوءvelocity. وهو مقدار ما يقطعه الضوء خلال الثانية الواحدة، وتبلغ 186000(مائة وستة وثمانون) ميلا، أو 300000(ثلاثمائة ألف) كيلومترا. وهي تبلغ 6000000000 (ستة آلاف مليون ميل) أي ما يعادل 9,46 مليون مليون كيلومترا في العام(أنظر كتاب من الذرة إلى المجرة لمحمد صالح المحب،1992: ص 68). فمثلا تبلغ المسافة بين الشمس والأرض 93 مليون ميلا، يقطعها الضوء في غضون أكثر قليلا من ثمان دقائق. لذلك فنحن لا نرى الشمس في مكانها الحقيقي عند النظر إليها، بل في مكانها قبل ثمان دقائق. ومثال آخر مجرة إندروميداAndromede وهي أقرب المجرات إلى مجرتنا إذ تبعد عنا مليوني سنة ضوئية(نفس المصدر السابق: ص86). وهذا يعني أننا نرى مجرة إندروميدا حاليا كما عليه حالها قبل مليوني سنة ، لكن يمكن أن تكون تلك المجرة قد اختفت أو تحطمت أو تغير أمرها في الوقت الحاضر!!! وهذا يعني أن ضوء شمسنا قد يصل إلى أعماق الكون بعد ملايين ملايين السنين بعد أن تكون شمسنا قد تلاشت. ومن الجدير بالذكر أن أقرب نجم إلى مجموعتنا الشمسية هو بروكسيما دي صانتر ويوجد على بعد 4سنوات شمسية وربع تقريبا(أنظر موسوعة موسوعة القرن-لاروس، 2006 الجزء الأول:ص2).

ولو توقف الأمر عند هذا الحد، لكان هينا-كما يقال- لكن العلماء الذين ظنوا بادئ الأمر أن الكون ينكمش أو أنه ثابت على أقل تقدير، توصلوا فيما بعد أن الكون يتمدد ويتسع وبسرعة تقارب سرعة الضوء.وهذا ما دل عليه تحليل الضوء الآتي من المجرات، إذ وُجِدَ أن أطيافها تنزاح نحو الأحمر، مما يدل على أنها تبتعد عنا بسرعات مذهلة!!!! (أنظر دليل السماء والنجوم للدكتور عبد الرحيم بدر،1981: 89).

ويقول العلماء أن الكون ذو شكل كروي تقع مجرتنا قرب المركز فيه، وهو يتمدد منذ عشرة بلايين سنة، وتبتعد المجرات عنا باستمرار وفي كافة الاتجاهات، كما تدل عليه إزاحة دوبلر. وهذا ما تدل عليه الآية الكريمة(والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)(الذاريات|47). وحاليا تبعد تلك المجرات عن المركز بمقدار ثلاث عشرة بليون سنة ضوئية. فهل يستمر ذلك التمدد؟ أم أنه سينكمش؟ الله أعلم. ويقعد بالإنسان عن معرفة المزيد قصر عمره وعدم كفاية ما يتوفر له من وسائل لا تكاد تعينه في ظرف كهذا؟

ولازال العلماء يتساءلون عن إمكانية وجود حياة على الكواكب الأخرى. وهل أن الأرض تنفرد بذلك؟ فقد توصل العلماء إلى أن هنالك ما يقارب 10 بلايين كوكب في مجرتنا فقط صالحة للحياة، ومن بينها ما يقارب 500 مليون كوكب قد ظهرت فيها الحياة فعلا(أنظر كتاب نظرتنا المعاصرة إلى الكون للدكتور طالب ناهي الخفاجي، 1981: ص108).

وقام الإنسان بأولى محاولاته للاتصال بالحضارات الأخرى في الكون عندما بعث برسالة على السفينة الفضائية بايونير-10. وقد مرت قرب المشتري عام1973. وهي مصنوعة من الذهب الخالص والألمنيوم مما يؤهلها لمقاومة التآكل في الفراغ لملايين السنين

0 التعليقات:

إرسال تعليق