وفي اليوم التالي وبعد أن انتهت الأسرة من واجباتها اليومية بادرت إحدى البنات قائلة:
رقية: أمي لقد وعدتينا يا أمي أن تكملي لنا قصة خلق الكون غداً بإذن الله.
الأم: حسناً يا رقية ولكن هل تذكرين ما أخذتيه بالأمس؟
إبراهيم: أمي وقفنا أمس على مكان اللوح المحفوظ فقد سألتك عنه؟
الأم: أحسنت يا إبراهيم، أرأيتم أن من يسأل ويتجاوب لا ينسى ما تعلمه.
عائشة: جزاك الله خيراً يا أمي فأنت تصبرين علينا في التعلم لأجل ذلك نسألك.
الأم:
بارك الله فيكم، أما اليوم سنتكلم عن خلق الأرض والسماء، أريد أن نبدأ
القصة بآية من كتاب الله فيها خلق الأرض، والسؤال لك يا فاطمة.
فاطمة: قال تعالى في سورة فصلت: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [فصلت: 9].
الأم: أحسنت يا فاطمة ففي هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض في يومين فقط.
خديجة: أمي أي شيء خُلق أولًا السموات أم الأرض؟
فاطمة: تذكرت آيةً يا أمي أجيب بها على خديجة، هل تسمحين لي؟
الأم: تفضلي يا فاطمة.
فاطمة: قال تعالى: ﴿ هُوَ
الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى
السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 29].
الأم: بارك
الله فيك يا فاطمة، فالله خلق الأرض قبل السماء، ولأجل ذلك بدأتُ بها،
والأرض هي مستقر بني آدم، فيها معاشهم وسكنهم وموطن رزقهم، وهي مقر
إقامتهم في هذه الحياة الدنيا، جعل الله منها مبتدأهم وفيها منتهاهم في
هذه الحياة، منها خلقوا وإليها يعادون، ومنها يخرجون للبعث والحساب.
عائشة: أمي
لقد رأيت في القرص المدمج على الحاسب الآلي؛ أن الغرب يسعون ليجدوا
مكاناً آخر نعيش فيه كالمريخ أو القمر ويعملون أبحاث كثيرة في ذلك، فهل
سينجحون؟ وهل صعودهم إلى القمر والمريخ وعمل الأبحاث فيها صحيح؟
الأم:
إن الغرب يا بنيتي يكذبون علينا كثيراً لأنهم يروننا جُهَّالاً، وأيضا
يعرفون أن العربي لا يقرأ ولا يبحث وراءهم، ولتفوقهم في الصناعة كصناعة
السيارة والطائرة وغيرها، صدقهم كثير من المسلمين مع أنهم خالفوا ظاهر
القرآن، فأخبرونا عن كيفية خلق السموات والأرض، وعن أشياء كثيرة لم يروها،
مع أنهم خفي عليهم الكثير من خلق الله الذي أمامهم ويرونه بأعينهم.
فقد قال تعالى: ﴿ مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51].
فاطمة: وكيف يا أمي نصدق الكافرين في غيب لم يشهدوه، ونخالف ونؤول كلام خالق هذا الكون كله، فالصانع أعلم بصنعه.
الأم:
أحسنت يا فاطمة، فنحن علينا بتصديق الله سبحانه وتعالى فهو العليم الخبير،
أما عن سؤال عائشة فأقول: لن يسكن بنو آدم مكاناً غير الأرض التي خلقها
الله لهم فالله تعالى قد قال: ﴿ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [البقرة: 36] وقال تعالى: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 55].
أما عن صعودهم للقمر أو غيره فأقول: إن
الله جعل الأرض مهيأة للحياة عليها وجعل لها غلافاً جوياً يشتمل على ما
يحتاج إليه الإنسان وبقية المخلوقات من الهواء وغيره، وحتى يحفظ أهلها من
الإشعاع الضار بها، فلو صدقناهم فقد حكمنا عليهم بالموت أو الحرق أو
الاثنين معا.
خديجة: ولماذا يا أمي أليس معهم أكسجين ويلبسون ثياب واقية من هذا الإشعاع؟
الأم: نعم يا خديجة؛ ولكن هذا لا يكفيهم ولا يقيهم وهم قد اعترفوا بذلك، وأيضاً فإن الغرب الكافر منهم علماء أعني (علماء بالدنيا فقط) كذَّبوا
ما قد نُشر وأصبح من المسلمات، فبعدما بحثوا بأنفسهم عرفوا أنهم خُدعوا،
وأن العالم كله في خديعة كبيرة يقودها هؤلاء الكذابين، وأنا أقول:
يقودها الشيطان.
رقية: أمي أنا متشوقة لأعرف كيف خلق الله الأرض؟ ومم خلقت؟
الأم: حسناً يا رقية؛ أما عن كيفية خلقها فهذا علمه عند الله، أما مم خلقت فقد قال شيخ الإسلام، وهل تعرفون شيخ الإسلام؟
فاطمة: هو ابن تيمية يا أمي.
الأم: أحسنت؛ قال شيخ الإسلام: "وخلق ذلك من مادة كانت موجودة قبل السموات والأرض، وهي الدخان الذي هو البخار، كما قال تعالى: ﴿ ثمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ
اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾
[فصلت: 11]، وهذا الدخان هو الماء الذي كان حينئذٍ موجوداً، كما جاء
بذلك آثار عن الصحابة والتابعين، وكما عليه أهل الكتاب" انتهى كلامه.
وبدأ الخلق من مكة فهي أم القرى، قال
شيخ الإسلام:" وقد دل الكتاب والسنة وما روي عن الأنبياء المتقدمين عليهم
السلام، وما علم بالحس والعقل وكشوفات العارفين، أن الخلق والأمر ابتدأ
من مكة أم القرى، فهي أم الخلق وفيها ابتدأت الرسالة المحمدية التي طَبَق
نورها الأرض" انتهى كلامه.
عائشة: قال تعالى:﴿ اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]أمي ذكر الله سبحانه وتعالى أن الأرض مثل السماء فهي سبع طبقات، فكيف ذلك يا أمي؟ وهل هي فوق بعضها أم متجاورة؟
الأم: هي يا عائشة فوق بعضها لأن الله قال: ﴿ ومن الأرض مثلهن ﴾ وقال شيخ الإسلام: "وقد خلق الله سبع أرضين، بعضها فوق بعض كما ثبت في الصحيح عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين يوم القيامة"
خديجة: قال تعالى: ﴿ قُلْ
أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ
فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا
أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ﴾ [فصلت: 9-10] فكيف في يومين، ثم أربعة أيام، ومعذرة يا أمي فأنا أحب أن أفهم كلام الله جيداً.
الأم: أحسنتِ
يا خديجة، اسألي في أي شيء يشكل عليك، أما الإجابة فهي: أن الله خلق
الأرض في يومين وخلق الجبال وقدَّرَ أقوات الأرض ومصالحها في يومين آخرين
فاستغرق خلق الأرض وما عليها أربعة أيام.
هند: أمي ما معنى﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ﴾.
الأم:
معناه يا هند أن الله بعد ما خلق الأرض ثبتها بالجبال الراسيات الشامخات
حتى لا تميدَ وتضطرب بأهلها، ثم جعلها مباركة قابلة للخير والبذر والغرس،
وقدَّر فيها أقواتها وهو ما يحتاج أهلها من الأرزاق والأماكن التي تزرع
فيها وتغرس.
رقية: أمي هل لي أن أسأل في أي يوم من أيام الأسبوع كان هذا الخلق؟
الأم:
نعم كان خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق ما عليها كان يوم الثلاثاء
والأربعاء وخلق السموات في الخميس والجمعة، وأما السبت فلم يكن فيه خلق.
وانتهى الخلق في آخر ساعة من يوم الجمعة لذلك هي ساعة يستجاب فيها الدعاء.
فاطمة: لقد مرَّ علينا قول الله تعالى عن الأرض:﴿ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]فهل الأرض تتكلم؟
الأم:
نعم يا بنيتي هي تتكلم وتخاف وتبكي وتسبح، فقد جاء الحديث القرآني عن
الأرض كما لو أنها كائن حي ناطق، والله سبحانه وتعالى خلق الخلق وأودع فيه
ما يشاء من القدرة والحياة والفعل، على الكيفية التي يريدها سبحانه.
وأيضا الأرض ستتحدث يوم القيامة بما أحدث الناس على ظهرها من خير وشر.
من يذكر هذه الآية فهي في جزء "عم"
رقية: أمي في سورة الزلزلة: قال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: 4].
الأم: أحسنت يا رقية.
في نهاية قصتنا اليوم أطلب منكم الإجابة على هذا السؤال: كم عدد الممرات التي ذكرت الأرض في القرآن؟
وبعد إجابتكم على هذا السؤال سأكمل لكم القصة بإذن الله.
وهيا الآن إلى النوم حتى نستيقظ باكرًا
0 التعليقات:
إرسال تعليق